هوندا تعود إلى جذورها في طوكيو وتستعد لإطلاق جيل جديد من دراجتها الأيقونية

أعلنت شركة هوندا، عملاق صناعة السيارات والدراجات النارية، عن خطوة استراتيجية كبرى تتمثل في نقل مقرها الرئيسي بحلول عام 2029 إلى منطقة يايسو الواقعة أمام محطة طوكيو، في عودة رمزية إلى المكان الذي شهد انطلاقتها الأولى في العاصمة اليابانية. وتتزامن هذه الخطوة مع استعداد الشركة لإعادة رسم ملامح سوق الدراجات النارية الخفيفة من خلال نموذج اختباري جديد يُعد استمرارًا لإرثها العريق في الابتكار.

عودة إلى مهد الانطلاقة

في قرار يعكس رؤية مستقبلية متجذرة في تاريخها، ستنتقل هوندا إلى برج ضخم قيد التطوير يضم 43 طابقًا بارتفاع 227 مترًا. يأتي هذا القرار كتعديل على خطط سابقة كانت تهدف إلى إعادة بناء مقرها القديم في منطقة أوياما، وذلك بسبب التحديات الاقتصادية المتمثلة في ارتفاع تكاليف مواد البناء.

تكتسب منطقة يايسو أهمية خاصة في تاريخ الشركة، ففي عام 1952، اتخذها المؤسس سويتشيرو هوندا كنقطة انطلاق لغزو العاصمة طوكيو. وفي هذا المكان، ترسخت ثقافة “وايقايا” (Wai-Gaya)، وهي فلسفة النقاش المفتوح والحيوي التي كانت حجر الزاوية في نجاح الشركة وولادة منتجات ثورية غيرت وجه الصناعة، وأشهرها دراجة “سوبر كب” (Super Cub).

يهدف المقر الجديد، الذي تزيد مساحة طوابقه بـ 6.8 مرة عن المقر القديم، إلى إعادة إحياء هذه الروح من خلال جمع الموظفين من مختلف الأقسام التقنية والإدارية في مساحة عمل واحدة، مما يعزز تبادل الأفكار ويسرّع وتيرة الابتكار في التقنيات المستقبلية مثل القيادة الذاتية.

عصر جديد للدراجات الخفيفة

وبالحديث عن الابتكار، تواجه هوندا اليوم تحديًا جديدًا في سوق الدراجات النارية الخفيفة في اليابان. فمع دخول معايير “جنتسوكي” الجديدة حيز التنفيذ في الأول من أبريل 2025، أصبح إنتاج محركات 50 سي سي التقليدية أمرًا صعبًا ومكلفًا من الناحية التقنية، وذلك استجابةً للوائح الانبعاثات البيئية الصارمة (المكافئة لمعيار يورو 5).

تسمح المعايير الجديدة بتصنيع دراجات نارية بمحركات تصل سعتها إلى 125 سي سي، شريطة أن تكون قوتها القصوى محدودة عند 4.0 كيلوواط. هذا التعديل يسمح بقيادة هذه الدراجات بنفس رخصة القيادة المطلوبة للدراجات فئة 50 سي سي (أو رخصة قيادة سيارة)، مع الالتزام بنفس القيود السابقة كالسرعة القصوى المحددة بـ 30 كم/س، ومنع الركاب، والحاجة إلى الالتفاف غير المباشر عند التقاطعات.

الكشف عن “سوبر كب 110 لايت”

استجابة لهذه التغيرات، كشفت هوندا عن رؤيتها للمستقبل من خلال نموذجها الاختباري “سوبر كب 110 لايت” (Super Cub 110 Light Concept) خلال معارض الدراجات النارية التي أقيمت في ربيع 2025. يحافظ هذا النموذج على التصميم الكلاسيكي المحبوب لدراجة “سوبر كب”، لكنه يقدم ترقيات جوهرية.

فعلى الرغم من أن مظهره لا يختلف كثيرًا عن طراز “سوبر كب 110″، إلا أنه حصل على تحديثات هامة تتماشى مع المتطلبات العصرية، كنظام المكابح المانعة للانغلاق (ABS) للعجلة الأمامية، ومكابح قرصية بدلاً من الأسطوانية، وعجلات مصبوبة بدلاً من السلكية، مما يعزز مستويات الأمان والأداء.

موعد الطرح ومستقبل السوق

يبقى السؤال الأهم هو: متى سيتم طرح هذا النموذج المرتقب في الأسواق؟ تشير إفادات وكلاء هوندا في طوكيو ومنطقة كانساي إلى أن الموعد الدقيق لا يزال غير معروف، مع ترجيحات بأن الطرح لن يتم قبل العام المقبل. وأكد الوكلاء أن مخزون طرازات 50 سي سي الحالية بدأ في النفاد، ومن المتوقع أن تتوقف مبيعاتها بشكل نهائي بعد وصول الدفعات الأخيرة في شهر سبتمبر القادم.

ومع توقف إنتاج طرازات 50 سي سي، من المؤكد أن الدراجات المتوافقة مع المعايير الجديدة، بما في ذلك طرازات السكوتر التي تعمل هوندا على تطويرها، ستصبح الخيار الأساسي للتنقل اليومي في اليابان، لتقود “سوبر كب 110 لايت” هذا التحول عند إطلاقها رسميًا.