بيتكوين تفشل في مجاراة انتعاشة “نفيديا”.. ومخاوف الاقتصاد الأمريكي تحاصر سوق الكريبتو

شهدت أسواق العملات الرقمية حالة من التباين والترقب الحذر خلال تداولات الخميس، حيث لم تنجح بيتكوين في تحقيق الزخم المتوقع تزامناً مع النتائج المالية القوية لعملاق الرقائق الإلكترونية “نفيديا”. ورغم الارتفاع الطفيف الذي سجلته العملة الأكبر عالمياً، إلا أن المستثمرين يشعرون بقلق متزايد من عدم قدرة الأصول الرقمية على مجاراة الانتعاشة التي شهدتها أسواق الأسهم التكنولوجية، في وقت تتجه فيه الأنظار صوب بيانات التوظيف الأمريكية وقرارات الفيدرالي المقبلة.

فك الارتباط مع قطاع التكنولوجيا

سجلت بيتكوين ارتفاعاً هامشياً بنسبة 0.6% خلال الـ 24 ساعة الماضية لتستقر عند مستوى 91,871 دولاراً، وفقاً لبيانات “كوين ديسك”، وهو مستوى لا يزال بعيداً بنحو 27% عن القمة التاريخية التي لامستها في أوائل أكتوبر. وفي المقابل، تباين أداء العملات البديلة، حيث تراجعت إيثريوم بنسبة 2.6% وانخفضت ريبل (XRP) بنسبة 0.7%، بينما تمكنت سولانا من الصعود بنسبة 1.8%.

ما يثير المخاوف حقاً ليس التحركات السعرية المحدودة، بل انهيار الارتباط المعتاد بين العملات المشفرة وأسهم التكنولوجيا؛ فقد قفزت العقود الآجلة لمؤشر “ناسداك 100” بنسبة 1.5% مدفوعة بأرباح “نفيديا” القوية التي بددت المخاوف بشأن فقاعة الذكاء الاصطناعي. المعتاد أن تتحرك الأصول الرقمية بالتوازي مع هذه الأسهم، وإذا كانت هذه الأخبار الإيجابية لم تدفع الكريبتو للصعود، فمن الصعب التكهن بما قد يحرك السوق في الفترة المقبلة.

ترقب بيانات التوظيف بعد الإغلاق الحكومي

تتجه بوصلة الأسواق الآن نحو البيانات الاقتصادية الكلية، حيث يستعد مكتب إحصاءات العمل الأمريكي (BLS) لإصدار تقرير الوظائف غير الزراعية ومعدل البطالة لشهر سبتمبر في 20 نوفمبر، وتكتسب هذه البيانات أهمية استثنائية كونها أول إصدار رئيسي للوظائف عقب الإغلاق الحكومي الذي استمر 43 يوماً وأدى لتعطيل تدفق البيانات.

تشير تقديرات “وول ستريت” إلى أن الاقتصاد الأمريكي قد أضاف 50 ألف وظيفة في سبتمبر، وهو ارتفاع ملحوظ مقارنة بـ 22 ألف وظيفة في أغسطس، بينما من المتوقع أن يستقر معدل البطالة عند 4.3%. كما تشير التوقعات إلى ارتفاع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 0.3%، مما يبقي المعدل السنوي عند 4.7%. هذه الأرقام، إن صدقت، قد تؤكد أن سوق العمل لا يزال يمتلك بعض القوة، وهو ما قد يضغط سلباً على أسعار بيتكوين والسوق الأوسع، إذ إن تحسن سوق العمل يقلل من حاجة الفيدرالي لخفض الفائدة.

تضاؤل فرص خفض الفائدة وضغوط الفيدرالي

ألقت محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأخيرة بظلالها الثقيلة على معنويات المستثمرين، حيث ألمح صناع السياسة النقدية إلى احتمالية تثبيت أسعار الفائدة في ديسمبر، وهو سيناريو من شأنه أن يسحب البساط من تحت أقدام الأصول الخطرة. وتظهر أداة “CME FedWatch” تراجع احتمالات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر إلى 33% فقط، هبوطاً من 50.1% قبل بضعة أيام، وذلك وسط انقسام بين مسؤولي الفيدرالي حول مسار التضخم.

وفي هذا السياق، علق سونغ وون سون، أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة لويولا ماريماونت، لوكالة رويترز قائلاً: “من الواضح أن سوق العمل يتباطأ، والافتراض هو أن هذا الاتجاه سيستمر، لكننا لن ندخل في ركود”. وتجدر الإشارة إلى أن بقاء أسعار الفائدة مرتفعة يجعل العملات المشفرة أقل جاذبية مقارنة بالأدوات الاستثمارية المدرة للعائد كالسندات. يضاف إلى هذا المزيج المعقد من عدم اليقين، التقارير التي تتحدث عن رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في استبدال رئيس الاحتياطي الفيدرالي قبل عيد الميلاد، مما يضيف طبقة أخرى من القلق للأسواق المالية.