تعزيزات كبرى في حقل “ظُهر” ومساعٍ مصرية لزيادة الاحتياطيات

في سياق التحركات الإقليمية لتعزيز أمن الطاقة، يواصل حقل “ظُهر” المصري تسليط الضوء على إمكانيات شرق المتوسط، حيث يُقدر احتياطي الحقل بنحو 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز، أي ما يعادل 5.4 مليار برميل نفط مكافئ، وهو ما يمثل أكثر من 135% من الاحتياطي الحالي للزيت الخام في مصر. ويُعد هذا الحقل الذي اكتشفته شركة “إيني” الإيطالية عام 2015، وبدأ إنتاجه الفعلي في ديسمبر 2017، ركيزة أساسية مكنت القاهرة من إعلان اكتفائها الذاتي من الغاز الطبيعي بعد عام واحد فقط من التشغيل، متجاوزاً بذلك حقل “ليفياثان” الإسرائيلي من حيث الأهمية والحجم.

وتعليقاً على تطورات المشهد، شدد المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية المصري، على ضرورة استثمار الفرص المتاحة في مناطق البحث والاستكشاف، سواء البرية أو البحرية، لتعزيز معدلات الاحتياطي والإنتاج. وأشار الوزير إلى وجود تنسيق عالي المستوى مع الشركاء لضخ مزيد من الاستثمارات وتكثيف حفر الآبار الاستكشافية والتنموية، مع التركيز على خفض التكاليف وسرعة وضع الاكتشافات الجديدة على خريطة الإنتاج. ودعا الملا القائمين على منظومة الإنتاج في هيئات “البترول” و”إيجاس” و”بتروبل” و”بتروشروق” إلى تبني تقنيات حديثة تتيح الوصول إلى الفرص الكامنة في الطبقات الأكثر عمقاً.

تحديثات تشغيلية ومواجهة التناقص الطبيعي

وفي تفاصيل العمليات الميدانية، كشف المهندس خالد موافي، رئيس شركة “بتروشروق”، عن نجاح الشركة خلال العام في وضع 13 بئراً على خط الإنتاج في حقول سيناء، بمعدلات أولية بلغت حوالي 7300 برميل يومياً. وتأتي هذه الجهود في إطار خطة مكثفة لصيانة الآبار ومواجهة التحدي المتمثل في التناقص الطبيعي للمخزون في الحقول المتقادمة التي تجاوز عمرها الإنتاجي 70 عاماً، مما يعكس إصرار القطاع على استدامة سلاسل الإمداد رغم التحديات الفنية.

تحولات جذرية في سياسة الطاقة الأمريكية

وعلى الجانب الآخر من العالم، يشهد ملف الطاقة الأمريكي تحولاً دراماتيكياً، حيث كشفت إدارة الرئيس ترامب عن خطط توسعية ضخمة للتنقيب عن النفط قبالة سواحل ألاسكا وكاليفورنيا وخليج المكسيك. واقترحت وزارة الداخلية الأمريكية طرح 34 منطقة لبيع حقوق التنقيب في هذه المياه حتى عام 2031، في خطوة تمثل تبايناً صارخاً مع برنامج إدارة بايدن الذي اقتصر على ثلاثة مبيعات فقط في خليج المكسيك. وتتضمن الخطة الجديدة 21 منطقة قبالة سواحل ألاسكا وست مناطق في المحيط الهادئ، لتكون المرة الأولى منذ عام 1984 التي تسمح فيها الداخلية بعقود إيجار جديدة في المحيط الهادئ.

جدل سياسي ومخاوف بيئية في واشنطن

وقد وجه وزير الداخلية الأمريكي، دوغ بورغوم، انتقادات لاذعة للإدارة السابقة، متهماً إياها بتقويض خطوط الإنتاج البحرية الأمريكية طويلة الأمد عبر كبح عمليات التأجير. إلا أن هذا التوجه قوبل بمعارضة شرسة؛ إذ وقع أكثر من 100 مشرع ديمقراطي رسالة موجهة للرئيس ترامب في 30 أكتوبر، محذرين من أن توسيع عمليات التنقيب يهدد سبل عيش السكان، ويضرب قطاعات السياحة والصيد، ويشكل خطراً داهماً على الحياة البحرية.

من جهته، وصف مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية (NRDC) الخطة بأنها “متهورة وفادحة”، مشيراً إلى أنها تفتح مياهاً بكرًا في ألاسكا أمام الحفر، وتحاول إحياء صناعة النفط والغاز قبالة سواحل كاليفورنيا وفلوريدا التي ظلت بعيدة عن التنقيب لعقود، مؤكداً أن هذه السياسات ستلحق ضرراً بالغاً بتلك المناطق والأجيال التي تعتمد عليها. تجدر الإشارة إلى أن مقترح وزارة الداخلية لا يزال في طور المسودة وسيخضع لمزيد من المراجعات قبل إقراره نهائياً.