من جدلية “الأسطورتين” إلى قمة “ميامي وفانكوفر”.. كرة القدم تعيد كتابة التاريخ في بلاد العم سام

صراع العروش.. بين ماكينة الأهداف البرتغالية وسحر “البرغوث”

لطالما تصدر الثنائي ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو المشهد الكروي العالمي طوال الخمسة عشر عاماً الماضية، في تنافس شرس لم تقتصر حدوده على المستطيل الأخضر، بل امتد ليشعل منصات التواصل الاجتماعي. وبينما يزخر سجل النجمين بأرقام قياسية يصعب تحطيمها، انقسم الشارع الرياضي، وتحديداً رواد منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، في تفضيلاتهم عبر وسوم شهدت تفاعلاً مليونياً، تمحور جلها حول “الشهية التهديفية”. ويرى عشاق النجم البرتغالي أنه “سيد الشباك” الأول، مستندين إلى وصوله لحاجز 770 هدفاً -وفقاً لآخر الإحصائيات- ليتربع على عرش الهدافين في المباريات الرسمية. في المقابل، يدافع أنصار النجم الأرجنتيني عن أسطورتهم باعتباره صانع اللعب المتكامل الذي يخدم المنظومة ويساند زملاءه بفعالية أكبر، مستشهدين بإحصائيات موسم 2012-2013 التاريخي، حيث سجل ميسي 91 هدفاً مقابل 69 لرونالدو، فضلاً عن انفراده بجائزة الحذاء الذهبي 6 مرات، وتسجيله أكثر من 50 هدفاً في الموسم الواحد ثلاث مرات دون احتساب ركلات الجزاء.

نهائي “كأس الدوري”.. مواجهة برتبة “سوبر ستار”

وبعيداً عن لغة الأرقام التاريخية، يتجه الدوري الأمريكي لكرة القدم (MLS) يوم السبت المقبل لاغتنام فرصة تسويقية ذهبية، حيث يحتضن نهائي “كأس الدوري” الذي يجمع إنتر ميامي بقيادة ميسي وفانكوفر وايت كابس ونجمه الألماني توماس مولر. ورغم تأكيد مولر، عقب فوز فريقه على سان دييغو 3-1، أن الأولوية تكمن في الأداء الجماعي للأندية وليس الأفراد، إلا أنه اعترف بأن وجود أسماء عالمية بهذا الثقل يمنح البطولة زخماً استثنائياً. وصرح النجم الألماني بأن مواجهة أفضل لاعب في التاريخ لا تقتصر متعتها على اللعب، بل تمتد لرفع القيمة السوقية للاعبين والأندية وللدوري ككل، بفضل تزايد أعداد المتابعين حول العالم.

فوارق فلكية في عالم “السوشيال ميديا”

تجمع المواجهة المرتقبة بين ميسي (38 عاماً) ومولر (36 عاماً) تاريخاً أوروبياً عريقاً، حيث يتشاركان المركز الثالث في عدد المشاركات بدوري أبطال أوروبا، وحصدا اللقب القاري 6 مرات مجتمعين، إضافة إلى تتويج مولر بـ 13 لقباً للدوري مع بايرن ميونخ وكأس العالم 2014، وميسي المتوج بثماني كرات ذهبية. لكن الفجوة تبدو شاسعة رقمياً خارج الملعب، إذ يمتلك ميسي قاعدة جماهيرية تتجاوز 500 مليون متابع على “إنستغرام”، في حين يملك مولر 15 مليوناً، وهو رقم يوازي متابعي أسطورة كرة القدم الأمريكية توم برادي، بينما يبدو الحساب الرسمي للدوري الأمريكي متواضعاً للغاية بـ 5 ملايين متابع فقط، ما يظهر التأثير الطاغي للنجوم.

قاعدة بيكهام.. الاستثمار الذي غير وجه الكرة الأمريكية

لم يكن لهذا الحراك أن يحدث لولا “قاعدة اللاعب المحدد” التي أقرت عام 2007، وسمحت للوس أنجلوس غالاكسي بضم ديفيد بيكهام متجاوزاً سقف الرواتب، مع بند استثنائي منحه حق تأسيس نادٍ بـ 25 مليون دولار فقط، وهو الخيار الذي فعّله في 2018 حين قفزت رسوم التوسع إلى 150 مليون دولار. وقد شهد الدوري منذ ذلك الحين تباينًا في مسيرة النجوم، فبينما سطع نجم روبي كين وتييري هنري وكارلوس فيلا، واجه آخرون صعوبات في تقديم الإضافة المرجوة، أمثال نيري كاستيلو وستيفن جيرارد.

تأثير ميسي.. أرقام اقتصادية “فوق الخيال” ومستقبل واعد

مع انطلاق موسم 2025 بوجود 69 لاعباً محدداً، أحدث انتقال ميسي لإنتر ميامي نقلة نوعية غير مسبوقة؛ فبعد أن كان الفريق يتذيل الترتيب، ارتفعت إيراداته المحلية بنسبة 300% لتصل إلى 180 مليون دولار، وتضاعفت قيمة النادي لتلامس 1.19 مليار دولار. ومع تمديد ميسي لعقده مؤخراً، يترقب الجميع افتتاح “ميامي فريدوم بارك” في 2026، المشروع الضخم الذي سيكون واجهة ترفيهية وتجارية عالمية، في وقت يسعى فيه ملاك فانكوفر لبيع النادي مستغلين وصوله للنهائي، في خطوة استثمارية ذكية تزامنت مع الطفرة التي تعيشها الكرة الأمريكية.